البروفيسور غلام أعظم اسم لامع في الحركة اللغوية

من المؤسف جدا أن نرى التجاهل في لغتنا الأم عندما نتعلم لغة أجنبية

البروفيسور غلام أعظم اسم لامع في الحركة اللغوية

دوره كزعيم  الحركة الطلابية

تقديم مذكرة إلى رئيس وزراء باكستان

* قيادته للحركة الإسلامية

* تعرضه للاعتقال ثلاث مرات واطلاق سراحه

إن اللغة من أحد أبرز نعم الله سبحانه وتعالى على البشرية. واستخدامها مع الناس في تبادل ما يدور في أفكارنا وأذهاننا لنعمة عظيمة ،إن لغتنا الأم  هي اللغة البنغالية، وهي لغتنا الوطنية. إن اللغة لا يمثل التعليم أو الأدب فقط بل هو ببساطة يثمل التركيب والمزيج الثقافي للشعب بأكمله ،وعندما يتعرض اللغة لهجوم فإنها تعني أنها هجوم على التركيبة الثقافية والأدبية لشعب بأكمله

 إن الدولتين اللتين ظهرتا إلى الوجود بتقسيم الهند عام 1947 هي باكستان والهند وكانت لغة سكان باكستان الشرقية هي اللغة البنغالية،وبعد تقسيم الدولتين قام سكان باكستان الشرقية بحركة للحفاظ على لغتهم وهويتهم خوفا عليها من الاندثار. فسكان هذه المنطقة مرتبطين ارتباطا وثيقا وعميقا بهذه الحركة التي احتضنت مشاعرهم الانسانية الجياشة ،وقد ضحو بالغالي والنفيس من أجل هذه الحركة ، لذا،فإن حركة اللغة هي حركة تحمل مجدا وفصلا مشرقا في تاريخنا الوطني.

إن هذه الحركة لم تكن وليدة عام 1952،بل لهذه الحركة تاريخ، وفي الواقع، فإن شرارة الحركة اشتعلت في 14أغسطس 1947عندما استقلت باكستان عن الهند لتخمد في 21 فبراير  1952عندما أطلق العساكر النار على المتظاهرين الذين خرجوا للحفاظ على لغتهم ليتحول هذا اليوم إلى يوم تاريخي توجت باعلان اللغة البنغالية كلغة رسمية للبنغاليين،لكن المؤسف والمحزن في القضية أن التاريخ  الموضوعي لهذه الحركة ليست موجودة أمامنا كما هي،بل طالتها تشوهات تاريخية غيرت مفاهيمها وتوجهاتها،فمنذ البداية تتعرض هذه الحركة للتشويه. وما نشاهده نحن على أرض الواقع لهو تشويه وتحريف للحقائق بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ،فقد تم إدراج أسماء شخصيات لم يكن لهم أية ارتباطات ببهذه الحركة بقائمة مناضلي اللغة،وعلى الوجه الآخر، تم إلغاء أسماء شخصيات كان لهم الدور البطولي في انتزاع هذا الحق ،ومن أحد هؤلاء الشخصيات الذين تم تشويه تاريخهم بكل وقاحة هو الأستاذ غلام أعظم

الأستاذ غلام أعظم، هو مناضل لغوي بارز ،ضحية مؤامرة النظام، النظام البغيض الحاقد الفاسد الذي حاول بكل ما اوتي من قوة حذف اسمه من التاريخ ومن أساطيرها ،وقام بتشويه صورته وسمعته ودوره في الحركة ،إلا أن زملاءه الذين شاركوا في تلك الحركة العظيمة اسردوا الكثير من القصص والروايات التي انصفته وبينت أمامنا التاريخ الحقيقي لهذه الحركة العظيمة، وهذه القصص والروايات باتت اليوم جزءا هاما من الوثيقة الوطنية التي لن يستطيع أحد أن يمحو حرفا واحدا منها .

الأستاذ غلام أعظم كان أمينا عاما ناجحا للغاية لاتحاد الطلاب الجامعيين في جامعة داكا في دورة   1946-1947 عندما كان يقطن في قاعة فضل الحق الطلابي في الجامعة ،وعلى وقع الاهتمام الكبير وحماسة الطلاب الجامعيين شارك في انتخابات الأمانة العامة لاتحاد الطلاب الجامعيين المركزي في دورة 1947-1948 وانتخب أمينا عاما للاتحاد المركزي بأغلبية ساحقة وكان في هذا المنصب في الدورة المقبلة أيضا ،وبما أن شرارة حركة اللغة اندلعت من جامعة داكا فكان من الطبيعي أن يكون للأستاذ غلام أعظم دورا قياديا في هذه الحركة بحكم منصبه في الأمانة العامة للاتحاد،ولكن للأسف، تم التستر على اسمه في قائمة الأمناء العامين في مجلس الشرف لعامين ،ورغم أنهم قاموا بكتابة اسمه كأمين عام في الدورة المقبلة إلا أن هذا الاسم لا يزال متسترا عليه من 1949 إلى يومنا هذا .

بعد قيام دولة باكستان جاء القائد الأعظم الأستاذ محمد علي جناح الى دكا في زيارة رسمية عام 1948،وقبل وصوله إلى داكا بعام بدأت حركة اللغة في داكا  مسلطا الضوء على اعتماد اللغة البنغالية كلغة رسمية للبلاد، وفي  11 مارس 1948، وكجزء من الحركة تم الدعوة إلى الإضراب،ـوعليه،قام الزعيم الطلابي غلام أعظم كونه أمينا عاما للاتحاد بارسال الطلاب إلى مواقع  مختلفة في المدينة لتنفيذ الاعتصام وتنفيذ الاضراب، وقد باشر هو بنفسه العمليات،إذ ذهب أمام مبنى التلفون الواقع في منطقة \"غوليستان\"مع مجموعة من الطلاب للاشراف على سير الاضراب ،وخلال الاضراب تعرض الزعيم الطلابي للاعتقال إذ اقتادته الشرطة إلى مركز تيجغاون  وهذا هو الاعتقال الأول في حياته  .

عندما بدأت الحركة تشتد في نهاية السنة، قام أول رئيس وزراء لباكستان السيد لياقت علي خان بزيارة لداكا،وفي 7 نوفمبر، ألقى رئيس وزراء باكستان الزائر كلمة أمام الطلاب في صالة للألعاب الرياضية في الجامعة،وفي ذلك اليوم قدم طالب من جامعة دكا مذكرة تاريخية لرئيس الوزراء نيابة عن المجتمع الطلابي ،حيث كان هذا الطالب هو الزعيم الطلابي غلام أعظم الذي تلا المذكرة التاريخية وسط تصفيق حار من الحضور،ويقول الأستاذ غلام أعظم  عن ذلك اليوم إنني قمت بتلاوة المذكرة أمام رئيس الوزراء،وكانت فقرات المطالبة باللغة الأم في النصف،كنت أتذكر أنني قمت بتلاوتها مرتين،حيث قلت  \"اسمحوا  لي أن أكرر هذه \'الفقرة مرة أخرى\"وسط صيحات وهتافات الطلاب والحضور الذي هز القاعة دعما لهذا المطلب الشعبي،وهذا هو النداء والدعوة الرسمية المؤسسية الأولى لجعل اللغة البنغالية اللغة الأم لسكان باكستان الشرقية ،بعد هذا النداء اشتدت الحركة أكثر ، وزادت وتيرتها إلى أن حصلنا على مبتغانا وكان مهندس هذه العملية برمتها هو الزعيم الطلابي الأستاذ غلام اعظم

بعد تخرجه من جامعة داكا عام 1950، التحق بكلية كارمايكل كأستاذ للعلوم السياسية ،وللموهبة الفذة والبصيرة التي كان يمتلكها الأستاذ غلام اعظم تم تعيينه عميدا للقسم ،وخلال فترة قصيرة انتخب عضوا في مجلس إدارة كلية المعلمين،وفي 6 مارس اعتقل الأستاذ غلام اعظم مع عدد من الطلاب والنشطاء السياسيين المحليين بتهمة تنظيم مظاهرات ومسيرات مناهضة للدولة وزج به في سجن رنغبور المركزي ،وقد أطلق سراحه فيما بعد ، وكان الأستاذ غلام اعظم التحق بالكلية وهو متزوج حديثا ،حيث لم يمض أكثر من أسبوعين،وقبل اتمام الشهرين زج به في السجن .

في عام 1955،وخوفا من اندلاع حركة لغوية جديدة ألقت الشرطة القبض عليه،وهذه هي المرة  الثالثة التي يتم فيها اعتقاله، قبل بضعة أيام من اعتقاله استدعى محافظ رانجبور (قاضي المقاطعة سابقا) الأستاذ غلام اعظم في مكتبه،حيث قال له إنه صدرت أوامر من السلطات العليا لجميع المؤسسات التعليمية باعتقال جميع المعلمين الذين لديهم ارتباطات وتوجهات سياسية ،وصدرت أيضا تعليمات بإعطاء تعهد إلزامي بعدم ممارسة السياسة لمدة سنة ومن يخالف هذا الأمر عليه تقديم استقالته من منصبه فورا مع التأكيد على أن لجنة مكونة من عدة مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى قامت بإعداد قائمة بالشخصيات الغير مرغوب فيه في المدينة  وأن الأستاذ غلام أعظم على رأس القائمة إلا أن الأستاذ غلام أعظم هذا المناضل اللغوي  رفض الانصياع للأوامر الحكومية ورفض إعطاء التعهد الإلزامي